مخاطر الواقع الافتراضي (VR): صحية، نفسية، وكيفية الوقاية

Ahmed Magdy
المؤلف Ahmed Magdy
تاريخ النشر
آخر تحديث

الواقع الافتراضي (Virtual Reality - VR) هو تقنية غامرة تستخدم أجهزة الكمبيوتر وأجهزة متخصصة (مثل نظارات الرأس وأدوات التحكم) لإنشاء بيئة محاكاة ثلاثية الأبعاد يمكن للمستخدمين التفاعل معها. وبينما تفتح هذه التقنية آفاقًا مذهلة في مجالات متنوعة مثل الترفيه والألعاب، التعليم والتدريب، وحتى الطب، فإن الانغماس العميق الذي توفره لا يخلو من بعض المخاطر المحتملة التي يجب أن يكون المستخدمون على دراية بها.

شخص يرتدي نظارة واقع افتراضي ويبدو عليه القلق، محاطًا بأيقونات تحذيرية تمثل المخاطر الصحية والنفسية.
مخاطر الواقع الافتراضي (VR): صحية، نفسية، وكيفية الوقاية

يهدف هذا المقال إلى استعراض أبرز المخاطر المرتبطة باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، سواء كانت صحية أو نفسية أو اجتماعية أو حتى متعلقة بالخصوصية، وتقديم نصائح عملية حول كيفية الاستمتاع بهذه التكنولوجيا المدهشة بأمان ومسؤولية.

المخاطر المحتملة المرتبطة بالواقع الافتراضي (VR)

يمكن تصنيف المخاطر الرئيسية إلى عدة فئات:

المخاطر الصحية والجسدية

  • غثيان الحركة (Cybersickness): هو الشعور بالدوار أو الغثيان الذي قد يصيب بعض المستخدمين، وينتج غالبًا عن عدم التطابق بين ما تراه العين (الحركة في العالم الافتراضي) وما يشعر به الجسم (الذي قد يكون ثابتًا في الواقع). يمكن أن تزداد حدته مع التجارب التي تتضمن حركة سريعة أو دورانًا.
  • إجهاد العين الرقمي (Digital Eye Strain): التحديق في الشاشات القريبة جدًا من العين لفترات طويلة يمكن أن يسبب تعبًا وجفافًا في العين، وصداعًا، وتشوشًا مؤقتًا في الرؤية. (يُعرف أحيانًا بتضارب التقارب والتكيف Vergence-Accommodation Conflict).
  • الإصابات الجسدية: الانغماس الكامل في البيئة الافتراضية قد يجعل المستخدم يفقد الوعي بمحيطه الحقيقي، مما يزيد من خطر الاصطدام بالأثاث أو الجدران أو التعثر والسقوط، خاصة في تجارب "مقياس الغرفة" (Room-scale) التي تتطلب الحركة.

المخاطر النفسية والعاطفية

  • الإفراط في الاستخدام أو الإدمان السلوكي: جاذبية العوالم الافتراضية وقدرتها على الهروب من الواقع قد تؤدي ببعض المستخدمين إلى قضاء وقت مفرط فيها، مما قد يتطور إلى نمط سلوكي قهري يشبه الإدمان، ويؤثر سلبًا على جوانب الحياة الأخرى.
  • التأثير على إدراك الواقع: الاستخدام المطول والمكثف جدًا قد يؤدي لدى البعض إلى شعور مؤقت بالانفصال عن الواقع (Derealization) أو عن الذات (Depersonalization) بعد خلع النظارة.
  • القلق أو الخوف: التجارب الافتراضية شديدة الواقعية، خاصة في ألعاب الرعب أو المحاكاة المكثفة، يمكن أن تثير مشاعر قوية من القلق أو الخوف لدى بعض المستخدمين.

المخاطر الاجتماعية

  • العزلة الاجتماعية: قد يؤدي تفضيل قضاء الوقت في العوالم الافتراضية والتفاعل مع الصور الرمزية (Avatars) على حساب التفاعل الاجتماعي الحقيقي إلى ضعف العلاقات الشخصية والشعور بالوحدة على المدى الطويل.
  • إهمال المسؤوليات: قضاء ساعات طويلة في VR قد يؤدي إلى إهمال الواجبات الدراسية أو المهنية أو الأسرية.
  • السلوكيات السلبية عبر الإنترنت: البيئات الاجتماعية في VR ليست محصنة ضد المشاكل الموجودة في الإنترنت عمومًا، مثل التنمر أو المضايقات أو خطاب الكراهية بين المستخدمين.

مخاطر الخصوصية والأمان

  • جمع البيانات: تجمع أنظمة VR كميات هائلة من البيانات، لا تقتصر على تفاعلاتك داخل التطبيق، بل تشمل بيانات حيوية مثل حركة الرأس واليدين، وربما مسحًا لبيئتك المادية (لإعداد منطقة اللعب). تثير كيفية استخدام هذه البيانات وتأمينها مخاوف تتعلق بالخصوصية.
  • أمان الحسابات: مثل أي منصة عبر الإنترنت، حسابات VR يمكن أن تكون عرضة للاختراق، مما قد يعرض معلوماتك الشخصية أو مشترياتك الرقمية للخطر.

كيفية استخدام الواقع الافتراضي بأمان ومسؤولية

لحسن الحظ، يمكن التخفيف من معظم هذه المخاطر باتباع ممارسات الاستخدام الآمن:

الاعتدال وتنظيم وقت الاستخدام

  • خذ فترات راحة منتظمة: يُنصح بأخذ استراحة لمدة 10-15 دقيقة كل 30-60 دقيقة من الاستخدام. يساعد ذلك على تقليل إجهاد العين وغثيان الحركة.
  • ابدأ بجلسات قصيرة: إذا كنت جديدًا على VR، ابدأ بجلسات قصيرة (15-20 دقيقة) وزد المدة تدريجيًا لتعتاد على التجربة.
  • استمع لجسدك: توقف فورًا عن الاستخدام إذا شعرت بأي دوار أو غثيان أو صداع أو إجهاد شديد في العين.

إعداد بيئة استخدام آمنة

  • تحديد منطقة لعب واضحة (Play Area): تأكد من وجود مساحة كافية خالية من الأثاث أو العوائق أو الحيوانات الأليفة أو الأطفال حولك عند استخدام VR، خاصة في التجارب التي تتطلب حركة. استخدم أنظمة "الحارس" (Guardian) المدمجة في معظم الأجهزة لتحديد حدود آمنة.
  • الإضاءة المناسبة: تأكد من أن الغرفة مضاءة بشكل كافٍ لتساعد الكاميرات الخارجية (إن وجدت في جهازك) على تتبع موقعك، ولكن تجنب الإضاءة الساطعة جدًا الموجهة مباشرة إلى العدسات.

الحفاظ على الصحة البدنية

  • تمارين الإطالة: قم ببعض تمارين الإطالة للرقبة والكتفين والظهر قبل وبعد جلسات VR، خاصة إذا كنت تبقى في وضعية واحدة لفترة طويلة.
  • الترطيب: اشرب كميات كافية من الماء.
  • تذكر العالم الحقيقي: لا تدع VR يحل محل النشاط البدني المنتظم والتفاعل الاجتماعي في العالم الواقعي.

اختيار المحتوى بوعي

  • اقرأ المراجعات والتقييمات: قبل تجربة لعبة أو تطبيق جديد، اطلع على تقييمات المستخدمين الآخرين لمعرفة مدى شدة التجربة واحتمالية تسببها في غثيان الحركة.
  • تحقق من التصنيفات العمرية: انتبه للتصنيفات العمرية الموصى بها، خاصة إذا كان الأطفال سيستخدمون الجهاز.
  • ابدأ بتجارب مريحة: توجد العديد من التجارب المصممة لتقليل غثيان الحركة (مثل تلك التي تستخدم الانتقال الفوري Teleportation بدلاً من الحركة السلسة).

الموازنة مع الحياة الاجتماعية

  • ضع حدودًا زمنية واضحة: خصص أوقاتًا محددة لاستخدام VR وتأكد من أنها لا تتعارض مع مسؤولياتك أو وقتك مع العائلة والأصدقاء.
  • شجع الاستخدام الاجتماعي الإيجابي: يمكن استخدام VR للتواصل مع الأصدقاء والعائلة الذين يعيشون بعيدًا عبر التطبيقات الاجتماعية، ولكن لا تدعه يحل محل التواصل وجهًا لوجه.

الوعي بالخصوصية والأمان

  • راجع إعدادات الخصوصية: تعرف على إعدادات الخصوصية المتاحة في جهازك والتطبيقات التي تستخدمها، وقم بتعديلها وفقًا لمستوى راحتك (مثل مشاركة البيانات أو حالة الاتصال).
  • استخدم كلمات مرور قوية: قم بتأمين حساب VR الخاص بك بكلمة مرور قوية وفريدة، وفعل المصادقة الثنائية إن كانت متاحة.
  • كن حذرًا في التفاعلات: تعامل بحذر مع الغرباء في البيئات الاجتماعية الافتراضية، ولا تشارك معلومات شخصية حساسة.

خاتمة: استمتع بالافتراضي بأمان

الواقع الافتراضي هو تقنية رائعة بإمكانيات هائلة، ولكن مثل أي أداة قوية، يتطلب استخدامها وعيًا ومسؤولية. من خلال فهم المخاطر المحتملة واتباع ممارسات الاستخدام الآمن – كالاعتدال، وأخذ فترات راحة، وإعداد بيئة آمنة، والموازنة مع الحياة الواقعية، والوعي بالخصوصية – يمكنك الاستمتاع بالتجارب الغامرة والمذهلة التي يقدمها الواقع الافتراضي مع تقليل احتمالية التعرض لأي آثار سلبية.

الأمان الرقمي والرفاهية الشخصية في العصر الافتراضي يعتمدان بشكل كبير على وعينا وسلوكياتنا. كن مستخدمًا واعيًا ومسؤولاً لتجعل تجربتك مع الواقع الافتراضي ممتعة وآمنة.

أسئلة شائعة حول أمان الواقع الافتراضي (VR)

هل يمكن أن يسبب الواقع الافتراضي ضررًا دائمًا للعين؟

لا توجد أدلة علمية حالية قوية تشير إلى أن استخدام VR يسبب ضررًا دائمًا للعين لدى البالغين عند استخدامه باعتدال. ومع ذلك، يمكن أن يسبب إجهادًا مؤقتًا للعين (Digital Eye Strain). يُنصح باتباع قاعدة 20-20-20 (كل 20 دقيقة، انظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية) وأخذ فترات راحة لتقليل الإجهاد. يجب الانتباه لتوصيات العمر (غالبًا 13+) لضمان نمو العين بشكل سليم.

هل إدمان الواقع الافتراضي حقيقي؟

بينما لا يُصنف "إدمان الواقع الافتراضي" رسميًا كاضطراب منفصل في معظم الأدلة التشخيصية الحالية، إلا أن الاستخدام المفرط والمشكل (Problematic Use) ممكن بالتأكيد. يمكن أن يتطور نمط سلوكي قهري يؤثر سلبًا على حياة الفرد وعلاقاته ومسؤولياته. الوعي بأنماط الاستخدام وطلب المساعدة إذا لزم الأمر هو أمر مهم.

كيف يمكنني تقليل الشعور بغثيان الحركة (Cybersickness)؟

ابدأ بجلسات قصيرة، خذ فترات راحة متكررة، تأكد من أن النظارة مضبوطة بشكل صحيح (خاصة المسافة بين الحدقتين IPD)، جرب تجارب تستخدم آليات حركة مريحة (مثل الانتقال الفوري)، حافظ على برودة الغرفة، وبعض الأشخاص يجدون أن مضغ علكة الزنجبيل أو استخدام أساور الضغط قد يساعد. توقف فورًا إذا شعرت بالسوء.

هل الواقع الافتراضي آمن للأطفال؟

معظم الشركات المصنعة لأجهزة VR توصي بأن يكون عمر المستخدم 12 أو 13 عامًا فما فوق. وذلك بسبب مخاوف محتملة تتعلق بتطور العين والنظام العصبي، بالإضافة إلى صعوبة ضبط النظارة بشكل صحيح على رؤوس أصغر. إذا سُمح لطفل أصغر باستخدام VR، فيجب أن يكون ذلك لفترات قصيرة جدًا وتحت إشراف دقيق ومستمر من شخص بالغ، مع اختيار محتوى مناسب لعمره.

ما هي أهم نصيحة للحفاظ على الخصوصية عند استخدام VR؟

كن واعيًا بالبيانات التي تجمعها المنصة والتطبيقات. راجع إعدادات الخصوصية بانتظام واضبطها لتقليل مشاركة البيانات غير الضرورية. كن حذرًا بشأن الأذونات التي تمنحها للتطبيقات، وتجنب مشاركة معلومات شخصية حساسة في البيئات الاجتماعية الافتراضية.

تعليقات

عدد التعليقات : 0